عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من يتقبل لي بواحدة أتقبل له بالجنة ؟ )) قال ثوبان : أنا ، قال : " لا تسأل الناس شيئاً " ، قال : فكان ثوبان تسقط علاقة سوطه فلا يأمر أحداً أن يناوله وينزل هو فيأخذها " رواه ابن داود وأحمد وابن حبان ..
عن حكيم بن حزام قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا المال فقال : " ما أنكر مسألتك يا حكيم ، إن هذا المال خضر حلو ، وإنه أوساخ أيدي الناس وإن يد الله فوق يد المعطي ، ويد المُعطي فوق يد المُعطى ، ويد المعطى أسفل الأيدي " ..
لا تحسبن الموت موت البلى
فإنما الموت سؤال الرجال
كلاهما مـــــوت ولكـــــــن ذا أشد من ذاك لذل الســـؤال
كان أبو خراش الهذلي من رجال قومه ، فخرج في سفر له فمر بامرأة من العرب ، ولم يصب طعاماً قبل ذلك بثلاث أو أربع . فقال : يا ربة البيت ، هل عندكم من طعام ؟ قالت : نعم ، فجاءت بعمروس - يعني حملاً من الغنم - وقالت : اذبحه ، فذبحه ثم سلخه ثم حشه ثم أقبل به ، ولما وجد ريح الشواء قرقر بطنه . قال : وإنك لتقرقر من رائحة الطعام ، يا ربة البيت هل عندكم من صبر ؟ قالت : نعم ، وما تصنع به ؟ قال : شئ أجده في بطني ، فأتته بصبر فملأ راحته ، ثم قال : إن بطني تقرقر إذا وجدت رائحة الطعام ، ثم ارتحل ، فقالت : يا عبد الله ، هل رأيت قبيحاً ؟ قال : لا والله ، ولا سوءاً ، ثم أنشأ يقول :
وإني لأثوي الجوع حتى يملني حياء ولم تدنس ثيابي ولا جرمي واصطبح الماء القـراح وألتقي إذا الزاد أمسى للمدلـــج ذا طعـم أرد شجاع الجوع كــي تعلمينه وأوثر غيري مـن عيالــــك بالأدم مخافة إذ أحيا برغـــم و ذلــــة وللموت خيراً من حياة على رغم
وذكر أبو نعيم في حلية الأولياء :
ونقل الصخر من تلك الجبال أخف عليّ من منن الرجـال يقول الناس كسب فيه عــار فقلت : العار في ذل السؤال
عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أيها الناس إنه ليس من شئ يقربكم من الجنة ويباعدكم من النار إلا وقد أمرتكم به ، وإنه ليس من شئ يقربكم من النار ويباعدكم من الجنة إلا وقد نهيتكم عنه ، وإن الروح الأمين نفث في روعي إنه ليس من نفس تموت حتى تستوفي رزقها فاتقوا الله واجملوا في الطلب ولا يحملكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله ، فإن الله لا يدرك ما عند الله إلا بطاعته )) أخرجه الحاكم في المستدرك ..
وقيل : مكتوب في الكتب : " يا عبدي إن كنت لا بد طالب حاجة من عبادي فاطلبها من معادن أهل الخير فترجع مغبوطاً مسروراً ولا تطلبها من معادن أهل الشر فترجع غضبان محسوراً " .
وعن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من نزلت به حاجة فأنزلها بالله عزوجل ، أوشك أن يأتيه الله بالغنى إما عاجلاً أو آجلاً )) أخرجه الإمام أحمد والترمذي .
وعن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( سلوا الله من فضله ، وإن الله يحب أن يسأل ، وإن من أفضل العبادة انتظار الفرج )) أروده ارن كثير في تاريخه .
وقال أبو الجلد : كان لنا جار ، وكان أثر الفاقة والسينة عليه ، فقلت له : لو عاجلت شيئاً ، لو طلبت شيئاً ؟ قال : " يا أبا الجلد ، وأنت تقول هذا من عرف ربه فلم يستغن فلا أغناه الله " أروده القرطبي في قمع الحرص .
وقال أبو عمران الجوني : أدركت نفراً يقولون : زينة المرء طول صمته وعزه استغناءه عن الناس " أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء .
وقال بعضهم : ضاعت نفقتي مرة وأنا في بعض الثغور وأصابتني حاجة شديدة فإني في بعض أيامي أفكر في جهد ما أنا فيه إذا خرج رجل من المتعبدين ما رأيت أحسن منه وجهاً وهو يقول :
تبـــــــــارك الله و سبحانــــــــه
مـــن جهل الله فــــذاك الفقيـــر
مــن ذا الـــذي تلزمـــه فاقــــة
وذخـــره الله العلــي الكبيـــــــر
قال : فكأنما ملئت غنى ، وذهب عني ما كنت أجده " أروده القرطبي في قمع الحرص .
وقال وهب بن منبه : بلغنا أن الله تعالى يقول : " كفى بي لعبدي بالاً إذا كان عبدي في طاعتي ، أعطيته قبل أن يسألني وأجبته قبل أن يدعوني ، وأنا أعلم بما يرفق به منه " .
وحكى أن عبد العزيز بن أبي رواد كان خلف المقام جالساً وذلك بنصف الليل فسمع داعياً دعى بأربع كامات فعجبت منهن وحفظتهن ، قال : فالتفت فلم أر أحداً ، فإذا هو يقول : " فرغني لما خلقتني له ، ولا تشغلني بما تكلفت لي به ، ولا تحرمني وأنا أسألك ولا تعذبني وأنا أستغفرك " ..
وعن رجاء بن حيوة قال : قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني ؟ ، قال : (( استغن بغنى الله )) ، قال : ما غنى الله ؟ ، قال : (( غداء يوم ، أو عشاء ليلة )) أخرجه الديلمي .
وقال عيس ابن مريم عليه السلام : " يا معشر الحواريين إن ابن آدم خلق في الدنيا في أربع منازل ، هو في ثلاث منهن بالله واثق ، حسن ظنه فيهن بربه ، وهو في الرابع سيئ ظنه بربه ، يخاف خذلان الله تعالى إياه . فأما المنزلة الأولى : فإنه خلق في بطن أمه خلقاً من بعد خلق في ظلمات ثلاث ، ظلمة البطن ، وظلمة الرحم ، وظلمة المشيمة ، ينزل الله تعالى عليه في جوف ظلمة البطن ، فإذا خرج من البطن وقع في اللبن لا يخطو إليه بقدم ولا يتناوله بفم ، ولا ينهض إليه بقوة ، ولا يأخذه بحرفة ، يكره عليه إكراهاً ، ويوجره إيجاراً ، حتى ينبت عليه عظمه ولحمه ودمه ، فإذا ارتفع عن اللبن ، وقع في المنزلة الثالثة ، في الطعام بين أبويه يكتسبان عليه من حلال وحرام ، فإن مات أبواه عن غير شئ تركاه ، عطف عليه الناس ، هذا يطعمه وهذا يسقيه ، وهذا يؤويه ، فإذا وقع في المنزلة الرابعة فاشتد واستوى واجتمع عليه وكان رجلاً خشي أن لا يرزقه الله تعالى فوثب على الناس يخون أماناتهم ، ويسرق أمتعتهم ، ويخونهم على أموالهم مخافة خذلان الله تعالى إياه " أروده القرطبي في قمع الحرص .
عن عمرو بن شعيب عن جده عبد الله بن عمرو قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( خصلتان من ينفذ فيه كتبه الله شاكرا صابرا ومن لم تكونا فيه لم يكتبه الله شاكرا ولا صابرا ، من نظر في دينه إلى من هو فوقه فاقتدى به ونظر في دنياه إلى من هو دونه فحمد الله على ما فضله به عليه كتبه الله شاكرا صابرا ، ومن نظر في دينه إلى من هو دونه ونظر في دنياه إلى من هو فوقه فأسف على ما فاته منه لم يكتبه الله شاكرا ولا صابرا )) رواه الترمذي.
عن مكحول قال : " كان من دعاء داود عليه السلام :" يا رازق الغراب النعاب في عشه وذلك أن الغراب إذا فقص عن فراخه فقص عنها بيضاء فإذا رآها كذلك نفر عنها فتفتح أفواهها فيرسل الله عليها ذبابا يدخل أفواهها فيكون ذلك غذاء لها حتى تسود فإذا أسودت انقطع الذباب عنها فعاد الغراب اليها فغذاها " أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أعوذ بالله من طمع يرد إلى طمع ، ومن طمع في غير مطمع ، ومن طمع حيث لا مطمع )) وقال أبو بكر : الطمع اللؤم " أخرجه أحمد .
وقال هزال القريعي : " مفتاح الحرص الطمع ، ومفتاح الاستغناء الغنى عن الناس ، الأياس مما في أيديهم " .
وقال رجل : يا رسول الله أوصني ، قال : (( عليك باليأس ما في أيدي الناس فإنه الغنى ، وإياك والطمع فإنه الفقر الحاضر ، وصل صلاتك وأنت مودع ، وإياك وما يعتذر منه )) .
وقال وهب بن منبه : الكفر أربعة أركان ، فركن منه الغضب ، وركن منه الشهوة ، وركن منه الخوف ، وركن منه الطمع " .
المقالات المتعلقة برسائل في القناعة والتعفف